2011-04-24

المهرجان ( 3 )

في بهو منزل المرحوم الأستاذ " عبد الوهاب أبو يوسف " تراصت المقاعد الخشبية والكراسي التي هي في الأصل حطام صالون فاخر قديم من العصر القروي , وعلى الأرض تناثرت الوسائد الصالحة للجلوس والاتكاء , وعلى جدران المنزل المطلي بطبقة الجير ذات اللون المائل للزرقة علقت صورة المرحوم الحاج , عضو مجلس الشعب الأسبق , وعلى يمينها ويسارها إطاران مذهبان نقشت فيهما آيات قرآنية .

أمسك المهندس " زين نصر الله " بهاتفه المحمول ليجري اتصالاً , بينما انشغل الحضور بهمسات جانبية , وكان الأستاذ " فهمي " مستغرقاً في حديث طويل مع أحد الأشخاص بجواره , قد لا يعرفه أصلاً , حول ما حدث في يوم الإعادة , وما قام به الأستاذ " فهمي " من مجهودات جبارة وخارقة من اجل تسهيل عمليات التسويد , وعن كم النقود التي صرفها على القائمين بعمليات التسويد بين مأكل ومشرب , وبين الفاكهة والمياة الغازية التي أحضرها لهم , وبين الحشيش الذي اشتراه لهم بأكثر من سبعة آلاف جنيه , وحول الفوضى التي سببها له هؤلاء بشقته الواسعة عقب الانتخابات , وحول أصدقائه وكلاء المهندس في اللجان الأخرى التابعة للدائرة والتي تقع تحت سيطرة مرشحين آخرين وعن تعليماته المستمرة لهم ودفاعهم المستميت لمنع التسويد في هذه اللجان , وكيف كان لهذه التعليمات تأثيراً عظيماً في نجاح المهندس , بينما بادله الرجل الآخر , الذي لا يعرفه الأستاذ " فهمي " , بعبارات من قبيل :

-    ما هو انت الخير والبركة يا أستاذ فهمي , يعني هو الباشمهندس له مين غيرك , كلنا عارفين ومقدرين وشايفين تعبك ومجهودك مع المهندس , ده انتو عشرة عمر يا راجل

وعلى الجدار المقابل , دار نفس الحديث , نفس الحديث بين رجلان آخران , وتتبدل الأدوار بين الأشخاص , ولكن الكلمات تتكرر , وكأن الجميع قاموا بنفس الأفعال , وخاضوا نفس التجارب , وأنجزوا نفس المهمات . دخل فتى صغير يخبر أحد الجالسين بأن العجول والخراف وصلت لتوها , فأشار له بأن يقودهم إلى بهو المنزل في ركن بعيد , لحين سماع النتيجة الرسمية من وزارة الداخلية .

كان اليوم , الأربعاء , يوم مشهود في تاريخ المهندس " زين نصر الله " , حيث تمكن من اقتناص مقعد المجلس الموقر من بين فكي الأسد , بعلاقاته المترامية الواسعة , وثروته الهائلة , وخصوصاً بعد أن تفوق على خصمه اللدود الدكتور " أيمن فتحي " في انتخابات الإعادة . لقد وضعه الحزب في موقف صعب , حيث اختار على مقعد الفئات ثلاثة  من نفس الدائرة , منهم اثنان من نفس المدينة , وبات الصراع محتدماً , إلا أن الغلبة في النهاية كانت لصوت رنين النقود .

غاص الجميع في الأحلام , وبدأ كل من له علاقة , ولو بسيطة وعابرة , بالمرشح الفائز في صياغة مطالبه والتماساته , وكأن عفريتاً خرج لتوه من القمقم نذر جهده لخدمة هؤلاء , فقط هؤلاء .


أحمد عبد الحي شلبي
الإثنين
 13 – 12 - 2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق