2010-10-07

بروتوكولات حكماء مصريون .. الجزء الأول

إذا كان الجهل والغموض والحيرة قد تملكوا من حياتنا وعقولنا , فلا مانع من اختراقهم , حتى وإن جاء هذا الإختراق في الخيال

( مكتب فخم , عال السقف , مزدان بلوحات وصور قديمة لمناظر طبيعية , يجلس شخصان على أريكة موسرة , ويجلس شخص آخر على مقربة منهم فوق كرسي بجوار المكتب ... )

رفعت :         انت عارف يا معالي الوزير معنى الكلام اللي انت بتقوله ده ايه .. انت كدة هتتسبب في فوضى داخل صفوف الحزب ..!!
بدر :             الفوضى موجودة يا د. رفعت واللي مش شايفها يخبط دماغه في الحيط .
همام :           " مبتسماً " الله ... ده انت اتعديت من د. يسرى بقى .
بدر :             الأمر أصبح مقزز أوي يا دكتور , لسه امبارح جايالي أخبار من هيئه لينا في الوراق , السادة أعضاء المجلس المحلي بقو يوماتي عند البهوات بتوع الأخوان , حفلات , عزايم , أفراح , ولايم .. يا راجل ده بقوا بيلموا بعض ويروحوا يتفسحوا زي العيال الصغيرة " يضحك همام " وييجي بعد ده كله رفعت بيه يقوللي فوضى وكلام فارغ ..!!!
رفعت :         " محتداً " بدر .. كدة ماسمحلكش ...
بدر :             " يومئ بيده ويشيح بوجهه بعدم اكتراث " يا راجل ...!!!!
همام :           " يوجه عينه إلى بدر بنظره ذات مغزى ويبتسم " لأ لأ لأ .. دة كدة أكيد د. يسرى عداك .. لسانك بقى بيفلت منك زيه بالظبط .
بدر :             " موجهاً حديثه لرفعت بشئ من الهدوء " يا رفعت , لو كنت فاكر كلامي ده معناه ان احنا نطاطي راسنا ليهم تبقى غلطان " يعتدل في جلسته ويحاول الشرح " انت عارف لما الأخطبوط بيحب يصطاد فريسه محترمة وعليها القيمة بيعمل إيه .؟؟
رفعت :         " بتهكم " إيه ...؟؟!!
بدر :             يلم نفسه "  ويضحك ضحكات هادئة " فهمت ..؟؟
رفعت :         ؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!
بدر :             بيلم نفسه يا دكتور , متعرفش بيلم نفسه إزاي .. يعني بيلم دراعاته ورجليه المنطورين في كل حته ويكتلهم جنبه لغاية ما يبان لفريسته حاجة صغيرة و مش ضخمة , وأول ما تقرب يبان على حقيقته , يفرد بقى ويتمطع ويلوش يمين وشمال زي ما هوة عايز ..!!!
رفعت :         مثل بايظ وفاسد وبعيد كل البعد , لا احنا أخطبوط ولا الأخوان فريسة .
همام :           " مستفسراً " طب وانت ايه اللي يضمنلك ان الفريسه دي مش هتكتف الأخطبوط وهوة عامل متكتف , يعني تفاجئه قبل ما هوة يهاجمها , انت عارف انت كدة عملت زي مين .. زي عسكري كان مجروح ومرمي في ساحة المعركة , وجه عسكري من الأعداء كان بيخلص ع اللي لسه فيه الروح , العسكري قالك لما اعمل نفسي ميت عشان ما يقتلنيش ... قام العسكري بالصدفة قتله برضه " ويبتسم " .
رفعت :         وبرضه ده مثل بعيد يا دكتور , العسكري ده لما عمل نفسه ميت قالك أهي محاولة أخيرة .. مانا لو اتحركت أكيد هموت .. يعني مكانش عنده فرص كتير ولا بدايل , إنما احنا لسة ما وصلناش للمرحلة دي , احنا لسة بنلعب براحتنا " يوجه حديثه لبدر " لسه بدري ع اللي بتقوله ده يا د. بدر " يدخل عامر " .
همام :           أهو دكتور عامر وصل أهو ..
عامر :          " يدخل مسرعاً قاطب الجبين ويجلس على كرسي المكتب ويوجه حديثه لرفعت " خير يا رفعت , أنا عارف ان انت اللي طالبني يا بدر بس الكلام عند رفعت ..؟؟؟
رفعت :         يا عامر باشا انت شايف ان احنا مقصرين في حاجة ..؟؟
عامر :          " بنفاذ صبر وبحدة شديدة " خير يا رفعت ؟؟؟
رفعت :         د. بدر عايزنا نعمل صفقة مع الأخوان " يصمت للحظات منتظرأ رد فعل من همام ولكنه لم يأت , فتابع "عايزنا نلعب معاهم تاني في البرلمان .
عامر :          " موجهاً حديثه لهمام " عندكوا دومنه وطاولة كفايه في البرلمان يا دكتور ..؟؟!!! " فيبتسم همام وينظر إلى رفعت نظرة شفقة "
رفعت :         يا د. عامر أنا قصدي .....
عامر :          " مقاطعاً وبحدة " اسمع يا رفعت ... ظروف البلد دلوقتي بتجبرنا اننا نفكر خارج الصندوق , يعني لو عندك حلول وتفسيرات تقليدية يا ريت تولع فيها بجاز ... " شارحاً " طول ما حالة الركود دي لسة مستمرة, اصحابنا شايفين شغلهم كما ينبغي .. معنى الكلام ده أيه ...؟؟؟
بدر :             " متدخلاً في الحوار ومؤيداً وموجهاً حديثه إلى رفعت " نقطع حالة الركود دي ...
عامر :          وعشان ده يحصل نعمل إيه ...؟؟؟
بدر :             نرمي الكورة فـ ملعبهم ...
عامر :          هنرمي الكورة فـ ملعبهم إزاي وهما مش حزب ولا حتى حركة معترف بيها ....؟؟؟؟
رفعت :         " متسائلاً باستفسار مفعم بالبراءة " نعترف بيهم ؟؟؟
عامر :          " بحدة " أكيد لأ " موضحاً " مش هما بيشتكوا من تجاهل الحكومة ليهم وضغطها عليهم و.. و .. و ... و ...
رفعت :         باستمرار ...
عامر :          خلاص , نعمل معاهم زي ما عملنا المرة اللي فاتت .. هوة مش معاليك برضة كنت في الوزارة ولا كان رفعت تاني ..؟؟؟ , الفكرة كلها يا د. رفعت ان احنا ما نخليش العيون علينا احنا بس , أديك شايف الجرايد مالهاش سيرة غير مين الريس الجاي .. مين الريس الجاي ... وجميع التوقعات رايحة على الريس وابنه .. طيب ,,, خليكوا زي مانتوا , فكروا زي مانتو عايزين , بس الدستور مش هيتعدل , وشروط الترشيح هيه هيه .
رفعت :         يا عامر باشا ده سبب أدعى يخلينا ماندخلش البرلمان دبانه ما تكونش حزب وطني ..!!!!
بدر :             " متدخلاً في الحوار " يا سيدي هوة احنا بإيدينا , أديك شايف كل يوم يطلع لنا لجنة شكل .. لجنة انتخابات , لجنة حقوق انسان , لجنة نزاهة وشفافية .. الأمم المتحدة ما وراهاش غيرنا .
عامر :          بص يا رفعت .. بعد انتخابات المرة اللي فاتت ... أيه اللي حصل للإخوان .. ؟؟؟
رفعت :         " بدا وكأنه يخش الإجابة حتى لا يثور عليه عامر "
عامر :          أنا أقولك .. الناس كانت معلقة عليهم أحلام وآمال تملا الدنيا , عملوا حاجة ..؟؟ , معملوش .. ليه ؟؟؟ , عشان مصالح البلد كلها في إيدينا , فمكانش قدامهم غير يا عيني شوية الاعتصامات والإضرابات والهتافات , ودي حاجات الإعلام القومي بقصد والحر والمستقل بدون قصد صوروها للناس على انها قلة حيلة ... وساعات قلة أدب ... تمام ..!!!
رفعت :         " يومئ برأسه موافقاً "
عامر :          هل كان ليهم تواجد تاني ..؟؟؟
رفعت :         هيبقى ليهم تواجد إزاي واحنا عمالين نقبض عليهم كل يوم والتاني بتهم في منتهى الخطورة " وكأنه يؤيد حديث عامر " ده احنا لمينا تقريباً كل كوادرهم .. وخصوصاً النشطين بتوع الانفتاح .
عامر :          وفي خلال شهر هتفرج عليهم كلهم ..
رفعت:          " وقد عاد ثانية لحالة عدم الفهم " إزاي يا دكتور , ده مش لازم يخرجوا قبل ما الانتخابات تخلص ..؟؟
عامر :          " يشيح بوجهه بنفاذ صبر , ويترك الحديث لبدر "
بدر :             " بدهاء ومكر شديدين " انت عارف يا دكتور طبعاً إن الاخوان هيختاروا مرشد اليومين الجايين دول , صح ...؟؟!!!
رفعت :         طبعاً .. ما كلنا عارفين إنه د. شريف بهيج ...
بدر :             تماااااام , تمام قوي , مين بقى د. شريف بهيج ...؟؟؟
رفعت :         ده دكتور اقتصاد مواليد 45 من اسكندرية وعنده شركة .......
عامر :          " مقاطعاً بحدة شديدة " يا سيدي احنا مالنا ومال سيرته الذاتية , بدر بيسألك مين هوة بالنسبة للناس ... للمواطن العادي اللي في الشارع ..؟؟
رفعت :         تقريباً مش كتير يعرفوه , ده حتى الجرايد اليومين اللي فاتو دول اتكلموا عن أسماء معروفة ... لأ .. محدش يعرف عنه حاجة ..
بدر :             ومادام مش معروف يبقى من أنصار أي تيار ..؟؟؟
رفعت :         أكيد التيار الدعوي .
عامر :          يبقى لما المرشد اللي جاي ما يكونش معروف , ويتعرف انتمائه لمدرسة الانكفاء على الذات , وأصلاً هما مكانش ليهم تقدم الفترة اللي فاتت , أزهى عصورهم , يبقى مين من الناس هيروح ينتخب جماعة بتقول يا خوالنا انا مش هشتغل سياسة ...؟؟؟؟!!!!!
بدر:              احنا بقى بتوع الديمقراطية , مش احنا بندي للأحزاب معونة سنوية " يبتسم " عشان ندعمهم , هندي برضة للإخوان معونة ...
رفعت :         " مقاطعاً " هما محتاجين يا دكتور " مداعباً " دول بيدخلهم ميزانية دولة بحالها ...
بدر :             لأ .. ما هو المعونة مش هتبقى فلوس .. هتبقى كراسي في البرلمان ... 15 أو 20 كرسي كدة , كفاية عليهم ... حتى كمان عشان تبقى العملية مقنعة , ما حنا اتفقنا ان المواطن أصلاً مش هينتخبهم .. فمش هينفع نديهم الكام وتمانين كرسي بتوع المرة اللي فاتت ..
عامر :          السؤال هنا بقى ... إيه تأثير العشرين كرسي دول في البرلمان ... ؟؟؟؟
رفعت :         صفر .
عامر :          تمام , يبقى اتخابات الرياسة كدة متأثرتش بأي شئ " يسود صمت قاتل للحظات " رفعت .. انت كنت من أشد المؤيدين لفكرة الصفقة بتاعة المرة اللي فاتت ... أيه اللي حصل ...؟؟؟؟
رفعت :         يا دكتور عامر أنا راجل مسئول عن ملف الأمن القومي بقالي عشرين سنة ... والحمد لله شايف شغلي على أكمل وجه .. انت عارف ليه يا دكتور , عشان عمري ما خدت قرار قبل ما ادرسه كويس , حساباتي كانت بتسبق قراراتي , وعشان احسب حساباتي صح لازم اكتبها بالورقة والقلم , أشوفها بعنيا , اسمعها بودني , وع الأساس دة بشوف هعمل ايه .. إنما دلوقتي الوضع اختلف , بقى مطلوب مني اني آخد قرارات لبكره , وما فيهاش نسبة خطأ , بكره يا د. عامر اللي معرفش هيبقى فيه إيه , هل ممكن آخد قرار مبني على تخمين بعد ما كنت باخدة على أسس مادية يقينية ..؟؟؟؟!!!!!
عامر :          " ينهض ويربت على كتف رفعت مؤزراً إياه " يا رفعت انت الراجل بتاعنا, ومفيش حد زيك ممكن يبقى مسئول عن ملف زي ده في الفترة اللي جاية دي , اعمل حسابات وخد استعداداتك , واحنا معاك ... مع السلامة . " ينهض رفت بكل همة ونشاط وكأنه تولى الوزارة لتوه , ويصافح عامر بحرارة ويخرج من الغرفة , بينما ينزوي عامر في ركن بعيد ليقوم بعمل مكالمتين أو ثلاث من هاتفه المحمول "
بدر :             " موجهاً حديثه لهمام " كنت عايز آخد رأيك في حاجة يا دكتور .
همام :           اتفضل
بدر :             كنت عايز اعمل حملة في الجرايد والتليفزيون عن أهمية المشاركة السياسية والكلام دة ...
همام :           دة شئ جميل ...
بدر :             بس الإعلانات دي هتحتاج شوية وشوش من عندك , شوية نواب م المجلس على أعضاء لجان , إيه رأيك ...؟؟؟
همام :           فكرة جميلة .. بس الاستعانة بنواب المجلس يا دكتور مش سهل , يعني لازم نعرف الأول شكل الظهور هيبقى عامل إزاي , فترات الإذاعة , ايه هيه القنوات , شكل الإعلان نفسه , وقبل كل ده رد فعل الناس إيه ...
بدر :             " مبتسماً باستغراب مفتعل باطنه الخبث والمكر " يعني يا دكتور كل الاستفسارات دي مجاش فيها استفسار عن رأي النواب نفسهم , موافقين ولا معترضين , دة انت حتى مسألتنيش انت عايز نواب معارضة ولا مستقلين ولا بتوعنا .. " ولا تزال تلك الابتسامة الماكرة تعلو وجهه "
همام :           " يبتسم , ويخرج علبة السجائر من جيبه ويشعل سيجاره وينفث دخانها نحو كتفه الأيسر , ولم ينبث بكلمة أو رد فعل سوى من ابتسامة ماكرة بادلها لبدر وهو يضع قدم فوق أخرى "
بدر :             " مبتسماً بدهاء شديد " راجل في بيتك يا دكتور همام ... راجل .
عامر :          " يعود ويجلس معهما بعد أن أنهى مكالماته " مبروك صحيح يا دكتور همام ... التكريم جه في وقته ..
همام :           الله يبارك فيك يا د. عامر " مغيراً الموضوع " ايه رأيك في اللي حصل مع رفعت ده ... أننا بطني مغصت ..
عامر :          " يبتسم ويتناول الريموت كنترول ويدير التلفاز فيظهر المذيع في خبر عاجل ...
المذيع :          هذا وقد قبل السيد الرئيس استقالة السيد الدكتور رفعت كامل وزير الداخلية والسيد الدكتور حامد قاسم وزير التضامن الاجتماعي والسيدة الدكتورة سعاد ناصر الدين وزيرة الاستثمار في تعديل وزاري مفاجئ , وسوف يتوجه الوزراء الجدد غداً في تمام الساعة العاشرة لحلف اليمين الدستورية في القصر الجمهوري ...


( تمت )

أحمد عبد الحي شلبي
الإثنين
21 ديسمبر 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق