2012-03-18

العرش ... الفرصة الأخيرة





بات واقعاً هاجس التحزب الذي تخوفنا منه بعد خلع الرئيس السابق , أطلقت قوى يناير شرارته , وكرسته قوى التيارات الإسلامية ممثلة في الجماعة والتيار السلفي بجانب المجلس العسكري وأبواقه . وظهرت أفكار وسيناريوهات لحل أزمة التفتت إلا أنها باءت جميعاً بالفشل . ذلك لأن طبيعة الطرح نفسه - بعيداً عن محتواه - أغفل وجود عناصر تسعى للهدم , فقد كان الهاجس المرعب الذي يتخوف منه الكثيرون حتى شهر يونيو 2011 هو " فلول " الحزب الوطني ورعاياه , بينما كانت النظرة للمجلس العسكري تتسم بشئ من الثقة حيناً والحذر أحياناً . كذلك أغفلت الأطروحات جميعها عنصر المؤامرة التي حيكت من قبل التيارين الإسلاميين الكبيرين - اللذان أعتبرهما واحداً - وهما حزبي : الحرية والعدالة والنور .
           
            لا نستطيع القول أن انتخابات البرلمان قد باغتتنا توقيتاً ونتيجةً بعد أن أخفقنا في صياغة طرح مناسب يكفل التكاتف والتكتل , وكذلك أخفقنا في مناقشة الأطروحات التي تمت صياغتها ... فلا نلومن إلا أنفسنا ... !!!!

            جاء المجلس العسكري امتداداً نوعياً للحزب الوطني , وجاء البرلمان متسقاً مع إيديولوجية المجلس العسكري , بما ينبئ بأن الدستور سيأتي متوائماً مع الفكرة العامة للحكم في مصر والتي تقضي بـ : 


  • تصفية المحتوى المعنوي لأحداث يناير والتي درج التعارف عليها باسم " الثورة " من خلال الإعلام .
  • تصفية المحتوى المادي للقوى الثورية من خلال بث الإرهاب الفكري والقمعي .
  • خلق رأي عام مضاد يكفل انتشار أوسع للأفكار الرجعية التي يتبناها المجلس العسكري .
  • خلق كيانات سياسية تسعى لتفتيت وحدة الرأي - إن وجد - وتبث فكراً مسمماً بين الطبقات المتوسطة .
  • الحفاظ على بعض السمات الأساسية لنظام الحكم السابق بهدف تعويم فكرة التغيير نفسها وإفقادها رونقها .

وعلى ذلك , فإن الدستور القادم سيصنف آداة أخرى لخدمة الرجعية لينضم إلى المجلس العسكري والحزبين الإسلاميين .

=================

            لم يعد لدينا سوى آلية وحيدة يمكنها إعادة بعض التوازن إلى الساحة السياسية في مصر وهي منصب رئيس الجمهورية . وما من شك في أن انسحاب " البرادعي " من السباق قد سبب بلبلة فكرية لدى الكثيرين الذي راحوا يبحثون عن أقرب الأنساق الفكرية كبديل عن المرشح المنسحب . قدرنا هذا ولا مرد له ... !!!!!!

            وبعد , فإننا مطالبون في هذه المرحلة بطرح جديد وأخير يضمن لنا خلق خط دفاع وحيد وأخير أيضاً عن مطلب التغيير الذي لم يتحقق . لذلك فإن طبيعة المرحلة تفرض علينا أن نتفق على بعض الثوابت , منها :

1 – ضم التيارات والأحزاب السياسية الموجودة حالياً في ثلاثة تكتلات بحد أقصى :
·        تكتل ليبرالي : ويمكن ترشيح حزبي الوفد أو المصريين الأحرار لتمثيله فكرياً .
·        تكتل إسلامي : ويمكن أن يكون حزب الوسط هو الأقرب لتمثيله .
·        تكتل يساري : ويمكن الاعتماد على الحزب الناصري أو الكرامة . ( تعمدت استبعاد حزب " التجمع " ... !!!! )

2 – على كافة القوى الثورية من شباب يناير الانضواء تحت أياً من هذه التكتلات .
3 – يتقدم مرشح واحد فقط لانتخابات للرئاسة عن كل تكتل .
4 – الترشح بهذه الطريقة سيضمن للناخب أولاً فكراً واضحاً يصوت من أجله وليس شخصاً .
5 – لابد أن يقدم الطرح من خلال شخصيات عامة متباينة الروافد تكون فيما بينها كياناً مؤقتاً .

قد نختلف في شكل الطرح وصياغته , إلا أن قناعةً بحتمية الاتفاق الآن .. الآن , كفيلة بأن تدفع عنا عاراً لن يمحى من فوق جباهنا . أقول : إن تفويت الفرصة الأخيرة ستلصق بكل من ساهم في نسج هذه المرحلة بكل ملابساتها عاراً أبدياً لا سبيل إلى الخلاص منه .

===========================


أحمد عبد الحي شلبي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق