بات واقعاً هاجس التحزب
الذي تخوفنا منه بعد خلع الرئيس السابق , أطلقت قوى يناير شرارته , وكرسته قوى
التيارات الإسلامية ممثلة في الجماعة والتيار السلفي بجانب المجلس العسكري وأبواقه
. وظهرت أفكار وسيناريوهات لحل أزمة التفتت إلا أنها باءت جميعاً بالفشل . ذلك لأن
طبيعة الطرح نفسه - بعيداً عن محتواه - أغفل وجود عناصر تسعى للهدم , فقد كان
الهاجس المرعب الذي يتخوف منه الكثيرون حتى شهر يونيو 2011 هو " فلول "
الحزب الوطني ورعاياه , بينما كانت النظرة للمجلس العسكري تتسم بشئ من الثقة حيناً
والحذر أحياناً . كذلك أغفلت الأطروحات جميعها عنصر المؤامرة التي حيكت من قبل
التيارين الإسلاميين الكبيرين - اللذان أعتبرهما واحداً - وهما حزبي : الحرية
والعدالة والنور .
لا
نستطيع القول أن انتخابات البرلمان قد باغتتنا توقيتاً ونتيجةً بعد أن أخفقنا في
صياغة طرح مناسب يكفل التكاتف والتكتل , وكذلك أخفقنا في مناقشة الأطروحات التي
تمت صياغتها ... فلا نلومن إلا أنفسنا ... !!!!
جاء
المجلس العسكري امتداداً نوعياً للحزب الوطني , وجاء البرلمان متسقاً مع
إيديولوجية المجلس العسكري , بما ينبئ بأن الدستور سيأتي متوائماً مع الفكرة
العامة للحكم في مصر والتي تقضي بـ :
- تصفية المحتوى المعنوي لأحداث يناير والتي درج التعارف عليها باسم " الثورة " من خلال الإعلام .
- تصفية المحتوى المادي للقوى الثورية من خلال بث الإرهاب الفكري والقمعي .
- خلق رأي عام مضاد يكفل انتشار أوسع للأفكار الرجعية التي يتبناها المجلس العسكري .
- خلق كيانات سياسية تسعى لتفتيت وحدة الرأي - إن وجد - وتبث فكراً مسمماً بين الطبقات المتوسطة .
- الحفاظ على بعض السمات الأساسية لنظام الحكم السابق بهدف تعويم فكرة التغيير نفسها وإفقادها رونقها .
وعلى ذلك , فإن الدستور
القادم سيصنف آداة أخرى لخدمة الرجعية لينضم إلى المجلس العسكري والحزبين
الإسلاميين .
=================
لم
يعد لدينا سوى آلية وحيدة يمكنها إعادة بعض التوازن إلى الساحة السياسية في
مصر وهي منصب رئيس الجمهورية . وما من شك في أن انسحاب " البرادعي " من
السباق قد سبب بلبلة فكرية لدى الكثيرين الذي راحوا يبحثون عن أقرب الأنساق
الفكرية كبديل عن المرشح المنسحب . قدرنا هذا ولا مرد له ... !!!!!!
وبعد
, فإننا مطالبون في هذه المرحلة بطرح جديد وأخير يضمن لنا خلق خط دفاع وحيد وأخير
أيضاً عن مطلب التغيير الذي لم يتحقق . لذلك فإن طبيعة المرحلة تفرض علينا أن نتفق
على بعض الثوابت , منها :
1 – ضم التيارات والأحزاب السياسية الموجودة
حالياً في ثلاثة تكتلات بحد أقصى :
·
تكتل ليبرالي :
ويمكن ترشيح حزبي الوفد أو المصريين الأحرار لتمثيله فكرياً .
·
تكتل إسلامي :
ويمكن أن يكون حزب الوسط هو الأقرب لتمثيله .
·
تكتل يساري :
ويمكن الاعتماد على الحزب الناصري أو الكرامة . ( تعمدت استبعاد حزب " التجمع
" ... !!!! )
2 – على كافة القوى الثورية من شباب يناير الانضواء
تحت أياً من هذه التكتلات .
3 – يتقدم مرشح واحد فقط لانتخابات للرئاسة عن
كل تكتل .
4 – الترشح بهذه الطريقة سيضمن للناخب أولاً
فكراً واضحاً يصوت من أجله وليس شخصاً .
5 – لابد أن يقدم الطرح من خلال شخصيات عامة
متباينة الروافد تكون فيما بينها كياناً مؤقتاً .
قد نختلف في شكل الطرح
وصياغته , إلا أن قناعةً بحتمية الاتفاق الآن .. الآن , كفيلة بأن تدفع عنا عاراً
لن يمحى من فوق جباهنا . أقول : إن تفويت الفرصة الأخيرة ستلصق بكل من ساهم في نسج
هذه المرحلة بكل ملابساتها عاراً أبدياً لا سبيل إلى الخلاص منه .
===========================
أحمد عبد الحي شلبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق