صلب الاقتصاد
الإسلامي
-------------
-------------- مقولة الفائدة ----------------
يمكن اعتبار أن مقولة
الفائدة هي المقولة الأم التي قام عليها ما يسمى بالاقتصاد الإسلامي . ولا يخفى
علينا أن الفائدة – بمفهومها الاقتصادي – تختلف اختلافاً جذرياً عن الربا –
بمفهومه الديني - . إلا أن ثمة تطابقاً , أراه مفتعلاً , قد وقع بين الفائدة وبين
الربا مما جعل مدلولاتهما واحدة . وبناءاً على التحريم الديني للربا فقد تم مواجهة
الفائدة بنفس الذرائع التي جوبه بها الربا .
بداية , لابد من
توضيح جزئية هامة تتعلق بمنهجية تكون العلم , أي علم , انطلاقاً من مقولة محددة
بعينها .
ففي هذه الحالات لابد
وأن تكون هذه المقولة هي الأساس التي ينبني عليها هذا الفرع من العلوم , وبالتالي
لابد أن تنعكس هذه المقولة على صفحة العلم , فتتبدى في آثاره , نتائجه , جوهره ,
طبيعته , قوانينه , أهدافه .... إلخ . وهو ما لا يمكن أن نجده في ما يسمى بعلم
الاقتصاد الإسلامي , ذلك لأن مقولة الفائدة نفسها هي مقولة تابعة وتالية لمقولة
أكبر منها وأعم في علم الاقتصاد , وهي مقولة الربح , بحيث لا تقوى مقولة الفائدة
على أن تصلح أساساً لنظام اقتصادي أياً كانت دوافعه .
لابد
إذن من توضيح الفارق بين الربا وبين الفائدة :
الربــا : يقتطع ...
بغض النظر عن الملاءة ( الخلفية ) الاقتصادية للقرض .
الفائدة : تقتطع ...
ولكن الملاءة الاقتصادية تكون هي المحور باعتبارها ضمان سداد القرض ( أي أنها تهتم
في المقام الأول بالنشاط الاقتصادي الذي سيمارسه المقترض )
أما أن ينادي البعض
بتحريم الفائدة باعتبارها أساس الانهيار الاقتصادي , فهو أمر لا يقبله عقل ,
ونستدل على ذلك باستمرار نجاحات أنظمة اقتصادية وازدهار ورخاء سياسات اقتصادية لم
تتخلص من مقولة وسياسة الفائدة , بل إنها قد اعتمدت هذه المقولة كدخل أساسي من
دخول الربح المتعددة . هذا بخلاف ضآلة حجم المقولة نفسها بالقياس إلى مقولات أخرى
أعم وأشمل أغفل دورها الفكر الاقتصادي الإسلامي .
يبدو أن الاقتصاد الإسلامي قد قام في الأساس
ليواجه الاقتصاد الغير إسلامي .... فقط ..... !!!!!
نعود
إلى الخلط المتعمد بين الربا والفائدة :
نؤكد على أن الدين
الإسلامي لم يكن الدين الوحيد الذي نبذ الربا وحرمه وحث على اجتنابه , فإننا نجد
أن كل الشرائع السماوية والوضعية , وكافة الإيديولوجيات والنظريات الفلسفية
والاقتصادية تحرم الربا , حتى لنجد في كتابات أرسطو وأفلاطون في القرن الثالث قبل
الميلاد هجوماً عنيفاً على الربا , إذ : " كيف يلد المال مالاً " . وهكذا
فإن الإسلام لم يكن سباقاً في إخبار العالم بأضرار الربا . وطالما قد بينا فارق
المدلول بين الربا والفائدة , فإننا سننتقل للحديث عن الفائدة بشكل واضح وصريح .
فما
هي وجهة النظر في رفض الفائدة لدى الإسلاميين .... ؟؟؟؟؟
يحتج أنصار الاقتصاد
الإسلامي في رفضهم لمقولة الفائدة بأنها لا يدخل في عمليتها الإنتاجية عنصر الجهد
البشري . وبالتالي - وطالما لم يتوسط المال أحد عناصر الإنتاج الأخرى , بل كان هو
ذاته العنصر الأوحد في العملية الإنتاجية - فإن النوع من الدخول لا يصلح لأن يكون
مثمراً اقتصادياً , لأن القرض أو الدين في التنظير الإسلامي هو شئ معنوي ,
وبالتالي لا يمكن للشئ المعنوي أن يلد شيئاً مادياً , بينما تصلح الدخول والأرباح الشرعية من الأشياء
المادية فقط .... !!!!
وأتعجب من انتقاء
الإسلاميين لهذا النوع من الدخول بالذات لوصفه بأنه يُخرج عنصر الجهد البشري من
العملية الإنتاجية , بينما هناك العديد من أنواع الدخول التي يرتضيها ويقرها
الاقتصاد الإسلامي على الرغم من كونها تحقق ربحاً دون إدخال عنصر العمل في عمليتها
الإنتاجية كالريع , والسمسرة , والعمولة , والإيجار ..... إلخ .
كما أن عنصر الجهد
البشري نفسه يعد من وجهة نظر ما عنصر إنتاج يحقق فضل القيمة , أو فائض القيمة
بالتعبير الماركسي , إذا ما توسط عناصر الإنتاج .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق