باتت جلية تلك العلاقة الوطيدة بين تركيا وإسرائيل , وانكشفت ملامحها في جوانب كثيرة , ولكن في السنوات الأخيرة وقعت بعض الأحداث التي هزت معتقدات وأفكار آمن واقتنع بها الكثير من المهتمين بالشأن السياسي الخارجي , حتى ذهب بعضهم للتنبؤ بحرب وشيكة بين الجانب التركي والجانب الإسرائيلي , وتنبأ البعض – ممن يدعون العقلانية السياسية – بتوتر في العلاقة الاقتصادية بين الجانبين , على الأقل , وهناك من اعتبر تلك الأحداث " سكريبتات " أو سيناريوهات تمثيلية تهدف إلى تضليل الرأي العام العربي والإسلامي لأغراض سنحاول تتبعها فيما بعد .
بصراحة , كنت ممن يؤيدون الرأي الأخير , ووجدت ما يدعم تأييدي في ملامح العلاقة بين الدولتين , حيث التبادل التجاري والثقافي والعسكري والدبلوماسي في أزهى الصور , وعندما رأيت ما فعله أردوجان في دافوس ( وكنت أتابعه بالصدفة مباشرة على قناة الجزيرة ) لم يتطرق إلى عقلي فكرة أن يكون ما حدث سوى " تمثيلية " هزلية كاملة الأركان , وكذلك كان رد فعلى تجاه كل الأزمات – المفتعلة – بين الدولتين , ومنها :
• رفض تركيا اشتراك اسرائيل في المناورات العسكرية .
• دعوة تركيا لسوريا للاشتراك في تلك المناورات .
• الميل الضمني للجانب السوري في المفاوضات .
• عرض تركيا لمسلسل يدين الانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين .
• الأحداث المتعلقة بإهانة السفير الإسرائيلي في تركيا .
وغيرها الكثير مما تناولته الصحف ومما لم تتناوله .
ولكن , في خضم هذه الأحداث لم تصل حدة التوتر لدرجة قتل مواطنين أو رعايا أتراك , لم يصل الأمر لحد القتل .. وقد علمنا أن الحكومة التركية من الحكومات التي تحترم حياة مواطنيها وحقوقهم في الداخل والخارج , ولنا في الصبي سجين الولايات المتحدة الأمريكية عبرة .
إذن , فقد دخلت العلاقة بين الجانبين في اتجاه جديد , وبات اعتقادي في استتباب العلاقة بينهما مزعزعاً , وللمرة الأولى تطرق إلى عقلي الشك في أن الأحداث السابقة لم تكن تمثيليات , أو على الأقل ربما بدأت هكذا ... !!!
نعلم جميعاً أن انحسار الدور المصري والسوري في المنطقة العربية فتح الباب أما كيانات أخرى عربية وغير عربية لخلق أجندات تهدف إلى الإمساك بنواصي العلاقات بين الدول العربية وبعضها البعض , وبين الدول العربية من جهة والعالم من جهة أخرى , وعلمنا أيضاً أن المشروع الإيراني والمشروع التركي من المشاريع التي ظهرت على سطح الأحداث , والمشروع التركي له حيثياته الخاصة , فمحاولات تركيا المستميتة من أجل الانضمام للاتحاد الأوروبي لها جانب كبير من الأهمية .
أرادت تركيا أن تكون لها ذراعاً طويلة في المنطقة العربية ليكون هذا داعماً لها في الانضمام للاتحاد , ولعل هذا هو ما يفسر سعيها الدبلوماسي الحثيث في الدول العربية , ولعل هذا أيضاً هو الدافع وراء افتعال – أو ما كنت أظنه افتعال – مواقف معادية لإسرائيل لكسب تأييد الرأي العام العربي والإسلامي , لعبت تركيا على أشد الأوتار تأثيراً في نفسية رجل الشارع العربي .. !!!
وبعد أحداث أسطول الحرية ستجد تركيا نفسها أمام اختيارين :
• إما أنها ستتغاضى عن رد الفعل وتغض الطرف عن احتقان الشارع التركي وتكتفى بالتهديدات حفاظاً على علاقتها بإسرائيل وبرغبتها في الانضمام للاتحاد .
• أو أنها ستعمل على رد الضربة لإسرائيل بشكل أو بآخر وفي هذه الحالة ستضعف فرصتها في الانضمام للاتحاد , هذا بجانب احتفاظها باحترام شعبها وتأييد الرأي العام العربي .
وأعتقد أن الحكومة التركية لن تمر على ما حدث مرور الكرام , وأنها ستجنح للاختيار الثاني بما يستتبعه من نتائج .
إن الدبلوماسية التركية مدرسة جديرة بالدراسة والتحليل , وأرى أنها ستعمل على خلق بدائل واختيارات أخرى من شأنها تقليل حجم الخسائر الناتجة عن رد الفعل القوي , والذي لا أشك للحظة في أنه آتٍ آت .
أحمد عبد الحي شلبي
الأربعاء
2 – 6 – 2010
بصراحة , كنت ممن يؤيدون الرأي الأخير , ووجدت ما يدعم تأييدي في ملامح العلاقة بين الدولتين , حيث التبادل التجاري والثقافي والعسكري والدبلوماسي في أزهى الصور , وعندما رأيت ما فعله أردوجان في دافوس ( وكنت أتابعه بالصدفة مباشرة على قناة الجزيرة ) لم يتطرق إلى عقلي فكرة أن يكون ما حدث سوى " تمثيلية " هزلية كاملة الأركان , وكذلك كان رد فعلى تجاه كل الأزمات – المفتعلة – بين الدولتين , ومنها :
• رفض تركيا اشتراك اسرائيل في المناورات العسكرية .
• دعوة تركيا لسوريا للاشتراك في تلك المناورات .
• الميل الضمني للجانب السوري في المفاوضات .
• عرض تركيا لمسلسل يدين الانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين .
• الأحداث المتعلقة بإهانة السفير الإسرائيلي في تركيا .
وغيرها الكثير مما تناولته الصحف ومما لم تتناوله .
ولكن , في خضم هذه الأحداث لم تصل حدة التوتر لدرجة قتل مواطنين أو رعايا أتراك , لم يصل الأمر لحد القتل .. وقد علمنا أن الحكومة التركية من الحكومات التي تحترم حياة مواطنيها وحقوقهم في الداخل والخارج , ولنا في الصبي سجين الولايات المتحدة الأمريكية عبرة .
إذن , فقد دخلت العلاقة بين الجانبين في اتجاه جديد , وبات اعتقادي في استتباب العلاقة بينهما مزعزعاً , وللمرة الأولى تطرق إلى عقلي الشك في أن الأحداث السابقة لم تكن تمثيليات , أو على الأقل ربما بدأت هكذا ... !!!
نعلم جميعاً أن انحسار الدور المصري والسوري في المنطقة العربية فتح الباب أما كيانات أخرى عربية وغير عربية لخلق أجندات تهدف إلى الإمساك بنواصي العلاقات بين الدول العربية وبعضها البعض , وبين الدول العربية من جهة والعالم من جهة أخرى , وعلمنا أيضاً أن المشروع الإيراني والمشروع التركي من المشاريع التي ظهرت على سطح الأحداث , والمشروع التركي له حيثياته الخاصة , فمحاولات تركيا المستميتة من أجل الانضمام للاتحاد الأوروبي لها جانب كبير من الأهمية .
أرادت تركيا أن تكون لها ذراعاً طويلة في المنطقة العربية ليكون هذا داعماً لها في الانضمام للاتحاد , ولعل هذا هو ما يفسر سعيها الدبلوماسي الحثيث في الدول العربية , ولعل هذا أيضاً هو الدافع وراء افتعال – أو ما كنت أظنه افتعال – مواقف معادية لإسرائيل لكسب تأييد الرأي العام العربي والإسلامي , لعبت تركيا على أشد الأوتار تأثيراً في نفسية رجل الشارع العربي .. !!!
وبعد أحداث أسطول الحرية ستجد تركيا نفسها أمام اختيارين :
• إما أنها ستتغاضى عن رد الفعل وتغض الطرف عن احتقان الشارع التركي وتكتفى بالتهديدات حفاظاً على علاقتها بإسرائيل وبرغبتها في الانضمام للاتحاد .
• أو أنها ستعمل على رد الضربة لإسرائيل بشكل أو بآخر وفي هذه الحالة ستضعف فرصتها في الانضمام للاتحاد , هذا بجانب احتفاظها باحترام شعبها وتأييد الرأي العام العربي .
وأعتقد أن الحكومة التركية لن تمر على ما حدث مرور الكرام , وأنها ستجنح للاختيار الثاني بما يستتبعه من نتائج .
إن الدبلوماسية التركية مدرسة جديرة بالدراسة والتحليل , وأرى أنها ستعمل على خلق بدائل واختيارات أخرى من شأنها تقليل حجم الخسائر الناتجة عن رد الفعل القوي , والذي لا أشك للحظة في أنه آتٍ آت .
أحمد عبد الحي شلبي
الأربعاء
2 – 6 – 2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق