2010-10-06

خرافة الإسلام السياسي

بين التأييد والمعارضة تتأرجح وجهات النظر إزاء العملية السياسية من المنظور الإسلامي , فتسير الآراء مفندة لذلك المبدأ ومعدلة في تلك المسألة , ولا يأل المؤيدون جهداً في إثبات صحة هذه المبادئ من الوجهة العملية والنظرية على حد سواء , ولا يدخر المعارضون سلاحاً إلا وأشهروه في وجه التيارات المخالفة لهم .
والحقيقة أن من يلقى نظرة عابرة على كنه حقيقة الإسلام السياسي يجده من الهشاشة ما يحيله أطلالاً , حيث تتجه الأنظار بداية إلى العلاقة بين الدين والسياسة .... !!!!

ونحاول سوياً الوقوف على الأساس الذي عليه قامت فكرة الإسلام السياسي بتياراته واتجاهاته ومدارسه .


يعتقد البعض أن بداية تبلور التيار السياسي الإسلامي كانت مع ظهور جماعة الإخوان على سطح الحياة الاجتماعية , وأن تعاظم شأن الفكرة ( فكرة الإسلام السياسي ) اقترن بتأصل الحركة وتشعبها داخل المجتمع المصري , لا سيما العربي والإسلامي بشكل عام , إلا أن المدقق في الأمر يتيقن أن تيار الفكر السياسي الإسلامي له من القدم ما للخلافة نفسها , حيث بدأت عملية إقحام الدين في السياسة بعد وفاة الرسول مباشرة , ولنا في ثقيفة بني ساعدة ما يؤيد وجهة نظرنا , وإذا كان الرسول قد ترك دولة مترامية الأطراف فقد كان لابد من وجود ساسة وعسكريون وقضاة .... إلى آخر ما يلزم الدول من جهات ومؤسسات تقوم بها ولها .

ولا يعنينا هنا سرد المواقف التاريخية , فذلك عمل المؤرخ , وإنما نريد تسليط الضوء على العلاقة بين الدين والسياسة من خلال الاستعانة ببعض الأحداث التاريخية .

لما كان إرث النبي الديني حقاً لكافة المسلمين فإن إرثه الدنيوي كان حكراً على فئة من هؤلاء المسلمين , ولا أقصد بالطبع هذا الإرث الخاص بالرسول , فالأنبياء لا تورث , وإنما قصدت كل ما آل للمسلمين نتيجة الفتوحات والغزوات من أراضي ودول وممالك وأموال وسبايا وثروات ... إلخ . وكان لابد لهذا الإرث أن يؤول لمن يديره ويتصرف فيه لصالح المسلمين كافة , واضطلع أبي بكر بهذه المهمة ومن بعده عمر ومن بعده عثمان , ثم جاءت خلافة على وصراعه مع معاوية لتدخل بالإسلام في منعطف هام , غير وعدل وأقحم مفاهيم جديدة لم يعهدها الفكر الإسلامي من قبل .

مرت الخلافة بمراحل متباينة , وكانت تجمعها كلها فكرة " الملك الأوحد " الذي ينضوى تحت لوائه كل المسلمين , ولما خلت عصور الخلافة من وجود منظومات أو مؤسسات تشتغل بالسياسة , أي الأحزاب السياسية بمعناها المعروف لدينا , فقد كان نظام الخلافة الإسلامي نظاماً ديكتاتورياً مبنياً على فكرة " السلطان المطلق " , ولم تخل عصور الخلافة من وجود المعارضين المتحزبين داخل منظومات وجماعات سرية , وكان من الضروري أن ينتج الفكر الموالي للمصالح السلطانية فكرة تقضي بها على الخارجين عن السلطان السياسي , فبدت فكرة صبغ السياسة بنفحة دينية , ومن أهم مظاهرها :
1 – خلع بعض الصفات القدسية على السلطان .
2 – تأويل بعض الآيات لتبرر تلك القدسية .
3 – إظهار المعارضين السياسيين بمظهر الكفرة المناوئين لحكم الله .
4 – تصوير الحروب السياسية على إنها حروب دينية لكسب دعم العامة .
5 – اجتذاب العلماء والفقهاء من البلاط السلطاني لكسب الشرعية .
وغيرها من المظاهر التي اعتاد الخلفاء على الاهتمام بها من أجل تدعيم الملك .

بعد ما أسلفنا بدا واضحاً أن فكرة السياسة المقترنة بالإسلام هي فكرة من صنع الإنسان لخدمة مصالحه الدنيوية , أو حتى لخدمة الصالح العام للمسلمين .

بقي لنا أن نوجه تساؤلاً :

هل يقف الإسلام معارضاً لحركة سياسية ما أو مؤيداً لها ...؟؟؟؟

الحقيقة أن أصول الدين الإسلامي كما خبرناها ونشأنا عليها تأمرنا بفعل الخير واتباعه , ونبذ المنكر والابتعاد عنه , فكانت دعوته من البساطة ما يجعل الشخص العادي يدرك ما يأمره به الله فيفعله وما ينهاه عنه فيتجنبه , ونعلم جيداً أن السياسة لها من الأفعال والمواقف ما تحتاج إلى مجلدات لشرحها والوقوف على مراميها , فضلاً عن أن حقل السياسة هو حقل تتصارع فيه التيارات بشكل قد يصل أحياناً لإراقة الدماء , وفيه تستحل كل المحرمات وتنبذ كل المبادئ من أجل خدمة الغرض السياسي , وعلى هذا نجد أنه من المنطقي أن يعلن الإسلام الصافي برائته من كل ما سبق ونعتنا به الحقل السياسي , خصوصاً إذا عرفنا أن الرسول نفسه لم يأمر بفرض حكم سياسي أو وجهة سياسية .. وكذلك الكتاب الكريم لم يحث على الاشتغال بالسياسة وإنما ترك لنا شئون دنيانا لنتدبرها بما لا يخرجنا عن أوامره .

لا أستطيع تقبل فكرة أن يفرض علي أحدهم أمراً ما , وتكون حجته بهذا الفرض والإجبار أن هذا الأمر منزل من عند الله , وكيف أتجرأ على مناهضة من يتخذ من كتاب الله شعاراً ...؟؟؟؟ !!!!

لننزع عن هذا الدين اليسير عوالق التعقيد و لنسمو فوق الصراعات لنرى عظمته المتجلية في بساطته
أحمد عبد الحي شلبي
السبت
22 – 5 - 2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق